الإطار التنظيمي داخل الشركة لهو أمر هام جداً، السياسات القانونية المتفق عليها في السابق تضمن أن تتمتع الشركة بالشفافية والعدالة، إن هذا ما يطلق عليه حوكمة الشركات، التزام الشركة بالحوكمة ينعكس على اقتصاد الدولة، كلما كانت الشركة تطبق القوانين والأطر التنظيمية التي تسمى الحوكمة كلما زاد من أرباحها لأن لا أحد ينفرد بالقرارات أبداً، السؤال الهام هنا، كيف يمكن للشركات أن توازن بين تحقيق الربح والالتزام بمبادئ الحوكمة، وما هو دور الجهات الرقابية للسيطرة على السوق، كل تلك النقاط ننفرد بها في السطور القادمة من المقالة تلك.

ما هي حوكمة الشركات

مجموعة المبادئ والقواعد التي تهدف في النهاية لتنظيم العلاقة بين كلاً من، إدارة الشركة في المقام الأول ومجلس الإدارة في المقام الثاني والمساهمين في المقام الثالث وكذلك أصحاب المصالح الآخرين، الهدف من هذه القواعد، ضمان الشفافية والعدالة وكذلك المساءلة، وهو ما ينعكس على الشركة حيث يعزز من ثقة المساهمين في السوق ويحمي جميع الأطراف المعنية.

إن كنت ترغب في فهم مفهوم الحوكمة بشكلٍ أبسط فسوف نوضع ذلك بأمثلة لعلك تلمس هذا المصطلح، تخيل وجود شركة تتكون من أربع شركاء، واحد منهم يقترح أن تذهب له نسبة أكبر من النسبة المتفق عليه في الربح، الحوكمة هنا، تمنع أي شخص من أن يتخذ قرار فردي وتطبق القواعد التي اتفق عليها في وقتٍ سابق والتوزيع يتحكم فيه العقد الذي تم إبرامه.

مثال آخر، أعرب المدير التنفيذي عن نيته في توظيف بن عمه في منصب حساس في الشركة على الرغم من الكفاءات القابعة أمامه، حوكمة الشركات هنا تفرض عليه وجود لجنة مستقلة للتوظيف وسياسات تمنع تضارب المصالح وبالتالي الحوكة حافظت على العدالة والمصداقية.

من المسؤول عن وضع نظام الحوكمة داخل الشركة 

إن الجهة المسؤولة عن وضع نظام الحوكمة داخل الشركة هي مجلس الإدارة، إنه يعد سياسات الحوكمة والإجراءات الخاصة بها، كما أنه يضع اللائحة الداخلية التي من شأنها أن تنظم العلاقة بين الإدارة التنفيذية من جهة وكذلك المساهمين من جهة أخرى وأصحاب المصالح والمجلس نفسه، ينشئ لجان متخصصة منها لجنة المراجعة ولجنة الحوكمة والترشيحات والمكافآت لمتابعة تنفيذ السياسات.

يتعاون معهم محامي شركات أو مستشار قانوني أو مكتب قانوني خارجي حيث يساعدهم في إعداد صياغة قوية للوائح والسياسات بشكلٍ قانوني صحيح، يتأكد أن الحوكمة تتمشى مع نظام الشركات السعودية وكذلك لائحة حوكمة الشركات التابعة لهيئة السوق المالية باختصار مجلس الإدارة من يقر نظام الحوكمة بمساعدة مستشارين أو محاين متخصصين في المجال القانوني.

الإطار القانوني لنظام حوكمة الشركات

في المملكة يتماشى نظام حوكمة الشركات مع النظم القانونية للشركات والتي يأتي أبرزها في الآتي:

1. نظام الشركات 

الإطار الأساسي الذي ينظم عمل الشركات حيث ينظم إداراتها ويحدد أنواعها وكل نوع يتبع سياسات معينة، يتضمن نظام الشركات العديد من المواد التي تتعلق مباشرةً بمبادئ الحوكمة ومن بين تلك المواد هي:

• المادة 26، تتناول وجبات العناية والولاء لأعضاء مجلس الإدارة.
• المادة 27، تتعلق بتعارض المصالح والمنافسة واستغلال الأصول.
• المادة 28، توضح مسؤولية الإدارة.​
• المادة 29، تتعلق بدعوى الشركة والشريك أو المساهم.
• المادة 67، تتعلق بالترشح لعضوية مجلس الإدارة.
• المادة 68، تتناول انتخاب أعضاء مجلس الإدارة.​
• المادة 71، تتعلق بالإفصاح عن المصلحة في الأعمال والعقود.
• المادة 72، تتناول تقديم القروض.​
• المادة 73، تتعلق بالرقابة على مجلس الإدارة.
• المادة 77، توضح صلاحيات مجلس الإدارة.​
• المادة 78، تتعلق بتوزيع الاختصاصات في مجلس الإدارة.
• المادة 80،  تتناول اجتماعات مجلس الإدارة.​
• المادة 81، تتعلق بالإنابة في حضور الاجتماعات وسريان قرارات مجلس الإدارة.
• المادة 82، تتعلق بإصدار القرارات في الأمور العاجلة.​
• المادة 83، تتعلق بمحاضر اجتماعات مجلس الإدارة.
• المادة 84،  تتعلق باجتماع الجمعية العامة للمساهمين.​
• المادة 85، توضح اختصاصات الجمعية العامة غير العادية.
• المادة 87، تتعلق باختصاصات الجمعية العامة العادية.
• المادة 88، تتعلق باجتماع الجمعية العامة العادية.​
• المادة 89، تتعلق بتعديل حقوق فئات المساهمين.​
• المادة 95، تتعلق بالتصويت في جمعية المساهمين.

2. لائحة حوكمة الشركات

أصدرت تلك اللائحة من قبل هيئة السوق المالية والهدف منها وضع أطر تنظيمية تضمن إدارة الشركة بشكل احترافي يحقق الشفافية والعدالة والمسؤولية ويكفل حقوق المساهمين وأصحاب المصالح حيث تمنع التمييز بين المساهمين كذلك تعزز الشفافية من خلال الإفصاح عن المعلومات الهامة والقرارات لتصبح شكل اللائحة كالتالي:

الباب الأول أحكام تمهيدية

• المادة الأولى: التعريفات.
• المادة الثانية: نطاق التطبيق.
• المادة الثالثة: أهداف اللائحة.

الباب الثاني: حقوق المساهمين والجمعية العامة

• الفصل الأول: الحقوق العامة.
• الفصل الثاني: الحقوق المرتبطة بالأسهم.
• الفصل الثالث: الجمعية العامة للمساهمين.

الباب الثالث: الإفصاح والشفافية

الباب الرابع: مجلس الإدارة

• الفصل الأول: تشكيل المجلس.
• الفصل الثاني: مسؤوليات المجلس.
• الفصل الثالث: لجان المجلس.

الباب الخامس: أصحاب المصالح

الباب السادس: الأحكام الختامية

3. لائحة حوكمة الشركات ومشاريع التخصص 

الهدف منها إدارة محكمة للشركات الحكومية والهدف منها وضع إطار لحوكمة المشاريع المتخصصة التي تمتلك الحوكمة جزء منها وبذلك تضمن الإدارة الفعالة والشفافة للمشاريع.

آليات حوكمة الشركات

آليات حوكمة الشركات تتضمن مجموعة من السياسات والأدوات والإجراءات التي تنظم العلاقة بين جميع الأطراف داخل الشركة ومن أبرز الآليات الرسمية لحوكمة الشركات في النظام هي:

 1. مجلس الإدارة

يشترط تكوين مجلس إدارة وبالأخص الشركات المساهمة، الشركات المساهمة تتكون من عدد من الأعضاء تحدده اللائحة ولا تقل بدورها عن ثلاث أعضاء وفقاً لما جاء في المادة 77 من نظام الشركات في السعودية، ووفقاً للائحة الحوكمة فإنه يجب أن يتكون المجلس من أعضاء مستقلين وغير تنفيذيين بنسبة معينة، المجلس مسؤول عن رسم سياسات عامة للشركة والإشراف على التنفيذ.

مجلس الإدارة هو الضامن الأول على اتخاذ قرارات طويلة المدى وتحقيق التوازن بين مختلف أصحاب المصالح.

2. وجود لجان متخصصة 

يجب أن يتواجد داخل الشركة المساهمة لجان ومن أبرز تلك اللجان هي:

• لجان المراجعة وهي ضرورية في جميع الشركات المساهمة.
• لجنة الترشيحات والمكافآت وهي من تهتم بترشيح أعضاء للمجلس وتحدد مكافآتهم.
• لجنة المخاطر، وهي ليست موجودة في كل الشركات ولكن هناك شركات تنشئها حسب طبيعة أعمالها.

الهدف من إنشاء تلك اللجان هي دعم الشفافية وكلك الفصل في المهام حيث تقلل من تضارب المصالح، لجنة المراجعة تعمل على مراقبة التقارير المالية ونظام الرقابة الداخلية، أما لجنة الترشيحات والمكافآت فهي تقييم أعضاء المجلس وتحدد تعويضاتهم.

3. الإفصاح والشفافية

من الآليات الأهم للحوكمة هي عملية الإفصاح والشفافية والتي تتخذ نهجاً يتمثل في الآتي:

• الاحتفاظ بالسجلات الدقيقة للشركة.
• نشر تقارير مالية سواء ربع سنوية أو حتى سنوية.
• الإفصاح عن الصفقات مع الأطراف ذات العلاقة.

يكمن أهمية الإفصاح في نظام حوكمة الشركات في، أولاً حماية المستثمرين ومنع تضليلهم وتعزيز ثقتهم لدى المستثمرين والمجتمع المالي، ومنع الفساد.

4. حقوق المساهمين

من الآليات الهامة للحوكمة هي حقوق المساهمين، على المساهمين أن يكون لهم حق في الآتي:

• حق التصويت في القرارات الهامة.
• حق الحضور للجمعيات العامة.
• التصرف في الأسهم.
• متابعة تقدم الشركة وتحسن الأداء.
• حتى لو كان لهم سهم واحد في الشركة فإن لهم الأحقية في الاطلاع على جدول العمل والمطالبة بأي إيضاحات قبل الاجتماع.

5. الرقابة الداخلية والمراجعة الخارجية

من الضروري وجود نظام رقابة داخلية فعال يضمن التحقق من سلامة العمليات التشغيلية والمالية والالتزام الكامل بالسياسات والقوانين والكشف عن الانحرافات والمخاطر.

على مجلس الإدارة بين الحين والآخر أن يراجع كفاءة نظام الرقابة بشكل دوري والقيام بتحديثه في حال لزم الأمر ذلك كما أنه له دور في تعين واختيار مراجع حسابات خارجي مستقل، ومن شروطه أن يكون محايداً وهو شرط هام.

على المراجع أن يراجع القوائم سواء السنوية منها أم المالية ويتأكد من أن البيانات تم إعدادها وفقاً لمعاير محاسبية معتمدة ويعد التقارير المالية التي من شأنها أن تعرض على الجمعية العامة.

6. الامتثال للأنظمة واللوائح

هناك مجموعة من اللوائح التي يجب على الشركة التي تلتزم بمبادئ الحوكمة  أن تركز عليها ومنها:

• الامتثال لنظام مكافحة غسل الأموال.
• الالتزام باللوائح الصادرة من هيئة السوق المالية ووزارة التجارة.

 7. فصل السلطات داخل الشركة

لائحة  حوكمة الشركات  تشجع على:

• عدم الجمع بين منصب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي.
• ويُفضل أن يكون الرئيس غير تنفيذي أو مستقل.

في الختام، تُعد آليات حوكمة الشركات في النظام السعودي حجر الأساس لضمان الشفافية، العدالة وحماية حقوق جميع الأطراف، إن الالتزام بهذه الآليات يعزز ثقة المستثمرين ويُسهم في استدامة الشركات ونمو الاقتصاد الوطني.