لجنة الإفلاس في السعودية هل تنقذ الشركات أم تحكم عليها بالإعدام؟
هل تساءلت يوماً وأنت تجلس في شركتك عن دور لجنة مثل لجنة الإفلاس في السعودية، كيف يمكن أن يتكاتف نظام حكومي تحت راية واحدة ليحكم في قضايا تعتبر من أكثر القضايا المالية تعقيداً في المملكة، اليوم، في عالمنا الذي يدار من رواد أعمال، شركات كبيرة وأخرى صغيرة، تصتف معاً لتخلق اقتصادات قوية وأخرى ليست كذلك، في هذا العالم الرأسمالي المليئ بالشركات، قد يقع أخطأ كبيرة تؤدي بالشركة لإعلان إفلاسها، ولكن هل تعرف من الذي يقرر الإعلان، نعم، إنها لجنة الإفلاس.
إذاً هل فكرت كيف يمكن أن تساعد اللجنة في توفير حلول قانونية عادلة سواء للدائن أو المدين، وكيف يدار هذا الملف المتشابك ليضمن حماية حقوق الجميع، هل هذه اللجنة قادرة على أن تنقذ الشركات المتعثرة وهل لديها القدرة على ضمان حق الدائنين، دعونا نستكشف ذلك من خلال تلك المقالة التي نسلط الضوء فيها على كل تلك الأسئلة وأكثر.
ما هي لجنة الإفلاس؟
لجنة الإفلاس هي عبارة عن جهة حكومية مختصة في المملكة، مسؤولة بشكل كامل عن إدارة وتنظيم إجراءات الإفلاس وفقاً لما ينص عليه القانون السعودي، لديها مهمات أساسية، أبرزها هي ضمان تسوية الديون بشكل عادل بين كل من المدين والدائن.
تشمل التسوية واحد من الأمرين، إما إعادة التنظيم المالي للشركة من خلال استراتيجيات لمساعدة الشركة على النهوض من جديد أو تقوم بتصفية الشركة من جذورها ومسحها من السجل التجاري للأبد، إنها المشرف الأول على المصفين وأمناء الإفلاس كما أنها تصدر توجهات قانونية لتضمن بها سير الإجراءات وفقاً للقوانين المعمول بها.
دور لجنة الإفلاس في النظام القانوني السعودي
وفقاً لما جاء عن نظام الإفلاس السعودي في 2018 فإن لجنة الإفلاس تلعب دور محوري في تنظيم وإدارة إجراءات الإفلاس بشكل عادل وقانوني لتكون أدوارها تتمحور في الآتي:
1. إشراف على إجراءات الإفلاس
إنها المسؤولة عن جميع الإجراءات التي تتعلق بعملية الإفلاس والتي منها التسوية الوقائية أو إعادة التنظيم المالي أو التصفية النهائية، تضمن اللجنة أن تكون العمليات المتعلقة بالإفلاس تخضع للوائح والقوانين المعمول بها المملكة للحفاظ على حقوق كل الأطراف.
2. الإشراف على خطط إعادة التنظيم المالي
إعادة التنظيم المالي للشركة هو حل تلجأ إليه اللجنة في محاولة لإنعاش الشركة من جديد، إن مسؤوليتها في هذا الدور هو الإشراف القانوني على الخطط التي يتم وضعها لإنعاش الشركة والتي منها إعادة هيكلة الدين العام بما يوفر فرصة للدائن في مستحقاته كاملة وللمدين في الحفاظ على سجله التجاري، تقوم اللجنة بمراجعة لتلك الخطط لتضمن العدالة والقابلية للتنفيذ.
3. تعين المصفين أو أمناء الإفلاس
المصفين أو أمناء الإفلاس هم الأفراد القانونياً الذين يتولون مهام مثل حصر الأصول وإعداد تقارير عن تلك الأصول وتوزيع العائدات بين الدائنين بحيث يضمن وصول العائدات لمكانها الصحيح حيث يوزع على موظفي الشركة في البداية هؤلاء الفئات التي لم تتلقى الراتب الخاص بها ومن ثم البنك وبعدها الموردين.
4. الإشراف على تنفيذ قرارات المحكمة
تقوم المحاكم التجارية بإصدار قرارات تتعلق بعملية الإفلاس، اللجنة تتولى تنفيذ تلك القرارات كتنفيذ التصفية أو الترتيب للهيكلة المالية، إنها تضمن أن تتم العملية بسلاسة.
5. توفير التوجه القانوني
لجنة الإفلاس تقدم توجيهات قانونية لكل الأطراف التي تورطت في عملية الإفلاس، سواء هم مدينين أو دائنين، مصفين أو أمناء إفلاس، الهدف من تلك التوجيهات هو ضمانة الامتثال للقوانين واللوائح المفروضة.
كيف تعمل لجنة الإفلاس في السعودية
إن لجنة الإفلاس في السعودية تعمل بنظام ثابت ومنظم وفق آلية محددة تضمن بها تنظيم عملها بشكل فعال وعادل تماماً، وآلية العمل تتم من خلال خطوات نظامية تتضح معالمها في:
-
تقديم طلب الإفلاس
في البداية يقدم المدين في العادة على طلب الإفلاس في حالة تجاوز الدين العام للشركة فوق المستطاع ولم يعد بمقدور الشركة التحمل ولا سداد رواتب الموظفين، يمكن أيضاً تقديم الطلب من الدائن في حال علمه أن المدين لا يمكنه سداد المستحق عليه، يقدم الطلب في البداية للمحكمة التجارية المتخصصة ويرفع معه الأوراق التي تثبت أنه يوجد تعثر مالي لا يمكن حله.
-
تقييم حالة المدين
بعد أن يقدم الطلب تعمل المحكمة التجارية على مراجعة مستندات المدين وتلك المستندات في العادة تشمل ميزانية عامة وقائمة بالديون والمستحقات وتفاصيل الأصول، إن ثبت أن المدين لا يستطيع بحق سداد دينه فتبدأ المحكمة بإعطاء أمر للجنة الإفلاس بتولي الأمر واتخاذ الإجراءات القانونية التي تراها مناسبة.
-
تعيين كل من المصفيين وأمناء الإفلاس
بناء على الحالة سواء إفلاس أو إعادة تنظيم تقوم لجنة الإفلاس بتعيين أمين إفلاس ليشرف على الإجراءات القانونية ويقدم استشارة قانونية وضمان سير الإجراءات وفقاً للقانون، أما المصفين فيتم تعينهم لإدارة الأصول وتوزيع العائدات وفي العادة الاثنين يكونوا شخص واحد بعين من قبل اللجنة.
-
خطة إعادة التنظيم المالي أو التصفية
إن كانت المحكمة ستقرر أن الشركة قادرة على هيكلة نفسها، ففي تلك الحالة تشرف اللجنة على وضع خطة لإعادة التنظيم المالي، المدين في تلك الحالة يتفاوض مع الدائن لخفض الديون وتشرف عليه اللجنة أيضا.
في حالة مثل التصفية وقررت المحكمة أنه لا جدوى من استمرار الشركة فإن دور اللجنة هنا هو دور إشرافي حيث تقوم ببيع الأصول وتحويل العوائد للديانة.
-
إنهاء الإجراءات
بعد توزيع العوائد والأصول على المستحقين، تقوم اللجنة بالعمل على إغلاق القضية بشكل قانوني، ففي حالة التنظيم المالي تتولى أمر وضع الخطط وفي حالة الإفلاس النهائي تتولى أمر شطب الكيان التجاري من السجل التجاري للأبد.
ممن تتكون لجنة الإفلاس
إن كنت تتساءل عن مكونات لجنة الإفلاس التي تنظم وتشرف على عمليات الإفلاس في المملكة فهي تتكون من رئاسة وأعضاء وجهات مشتركة، كالآتي:
1. رئاسة اللجنة
تتكون اللجنة من رئيس المحكمة التجارية في العادة أو قاض متخصص في شؤون الإفلاس، إن رئيس اللجنة يعين من قبل المجلس الأعلى في القضاء السعودي، إنه المسؤول عن توجيه الشركة والإشراف على الإجراءات القانونية لها.
2. الأعضاء
إن اللجنة تتكون من مجموعة من الأعضاء المتخصصون في قوانين مثل الإفلاس والتجارة، هناك أيضاً من ضمن الأعضاء الخبراء الماليون، هؤلاء المتخصصون في تحليل الوضع المالي وإعادة الهيكلة، هذا بالإضافة لممثلين عن الجهات الحكومية المختصة كوزارة التجارة ومؤسسة النقد العربي السعودي وهذه الجهة ليست موجودة بشكل دائم وإنما في حالة تدخل جهة تنظيمية.
3. جهات مشتركة
هناك جهات تنظيمية قد تشارك ومؤسسات مالية كالبنوك مثلاً وذلك في حالة الاقتراض أو حتى الإلتزامات المضمونة.
التحديات التي تواجه لجنة الإفلاس في السعودية
بالرغم من أن لجنة الإفلاس تقوم بدور حيوي في عملية الإشراف على نظام الإفلاس، إلا أنها تواجه تحديات تعرقل من دورها ككيان تشريعي وتلك التحديات تتمثل في:
- الكثير من الشركات سواء المتوسطة منها أو الصغيرة قد تتردد في اللجوء لنظام الإفلاس وهو يكلفها خسائر قد تؤدي للسجن في بعض الأحيان وكل هذا نتيجة نقص الوعي المعلوماتي من البداية.
- إجراءات الإفلاس قد تكون معقدة وعليه يتم التأخر في تسوية الأمور مما يساهم في زيادة أعباء كل من المدين والدائن.
- الكثير من الشركات الكبرى تتردد في اللجوء للنظام معتقدة بذلك أنه يضر بسمعتها وبالتالي يعيق ذلك من الهيكلة ويزيد الوضع كارثية أكثر مما هو في الأغلب.
- في بعض الحالات تجد اللجنة صعوبة في تقييم الأصل أو حتى التصرف فيه وبيعه وبالأخص في حالة مثل الأصول غير السائلة أو تلك الغير قابلة للتحويل وهذا ما ينعكس على عملية التصفية وتوزيع العوائد التي في العادة تتأخر.
- الشركات متعددة الجنسيات والكبيرة قد تجد لجنة الإفلاس صعوبة في توفير خبرات للتعامل مع هذا النوع من الشركات وذلك نظراً لضخامة المشروع، هذا يعني أن الاستشارات القانونية تصبح صعبة جداً.
- في بعض الأزمات مثل الوباءات والكوارث قد يتم ضغط اللجان والموارد القانونية كالذي حدث في أثناء فترة جائحة كورونا، أدى لإفلاس الكثير من الشركات وبالتالي الضغط على المنظومة القانونية برمتها.
- في حالة التصفية، قد يواجه العمال صعوبة في الحصول على حقوقهم مثل الرواتب والمكافآت، تحدي توفير حلول بديلة مثل التسوية الوقائية أو إعادة التنظيم المالي التي قد تساهم في الحفاظ على الوظائف.
في النهاية لجنة الإفلاس، تقدم إصلاحات جليلة للشركات التي تفكر في إعلان إفلاسها، وعلى الرغم من ذلك يواجهها الكثير من التحديات ومازالت مستمرة في التقديم وهذا يعني أن المنظومة القانونية في السعودية قوية جداً وتتحمل وتعطي الكثير من الخدمات لكل من يحتاجها.