كيف تضمن الأنظمة السعودية تنفيذ الاحكام الإدارية ضد الجهات المماطلة؟
تخيل معي أنك أحد الموظفين وفجأة وبدون مقدمات فصلت من عملك، على الفور اتصلت بمحامي سعودي ورفعت قضية ضد الجهة التي تسببت لك في الفصل، المحكمة بدورها درست الإجراءات والأسباب وعليه أصدرت حكم بإعادتك إلى عملك وتصرف مستحقاتك كاملة مكتملة، ولكن الجهة تماطل في عملية تنفيذ الاحكام الإدارية، كيف ستتصرف في تلك الأثناء.
إن هذا السيناريو يواجه الكثير من الأشخاص اليوم في السعودية، إنه لواقع يواجهه الموظفين عند تنفيذ الأحكام الإدارية وهنا يقفز أمامنا سؤال هام، كيف تضمن الأنظمة السعودية تنفيذ الأحكام بشكلٍ فعال، وما هي الجهات المسؤولة عن إلزام الجهات الحكومية بالامتثال، في هذا المقال سنستعرض بالتفصيل تلك الإجراءات ونتعرف على الخطوات العملية للتصرف في المواقف مثل التي ذكرناها.
ما هي الاحكام الإدارية
الاحكام الإدارية هي تلك القرارات القضائية الصادرة من المحاكم الإدارية ضد الجهات الإدارية في الدولة ومن بينها المؤسسات الحكومية والهيئات العامة، تقوم المحكمة بالفصل في النزاعات القانونية التي قد تقع بين تلك الجهات وبين الأفراد، المحكمة تلتزم بمعايير الشفافية حيث تحمي حقوق الأفراد سواء بالحكم ضد تلك الجهات أو لصالحها بحسب الأدلة والقوانين أمام المحكمة.
الإطار القانوني لتنفيذ الأحكام الإدارية في السعودية
عملية تنفيذ الاحكام الإدارية تستند لمجموعة من القوانين وكذلك الأنظمة، الإطار القانوني لتنفيذ الأحكام الإدارية ينقسم لمجموعة من الأطر في داخله وهو كالتالي:
1. الأنظمة والتشريعات المنظمة لتنفيذ الأحكام الإدارية
هناك مجموعة من الأنظمة هي التي تحدد كيف ينفذ الحكم الإداري وتلك الأنظمة هي كالتالي:
نظام ديوان المظالم
وهو الذي يحدد اختصاص المحكمة الإدارية وكذلك إجراءات التقاضي التي سيتم اتباعها في الحكم، أي أن القاضي أو الجهة المختصة في ديوان المظالم هي التي تحدد المحكمة المناسبة بناءً على نوع القضية حيث يوجد ثلاث أنواع من المحاكم الإدارية، منها:
- المحكمة الإدارية من الدرجة الأولى وهي المحكمة العامة فأي شخص لديه قضية ضد جهة حكومية يقوم برفع دعوى أمام المحكمة الإدارية بشكل أولي، إن كانت ضمن اختصاصها تنظر فيها وإن لا فتحول للجهة المختصة خارج الديوان.
- محكمة الاستئناف الإدارية وهي التي تنظر في القضايا التي يمكن استئنافها أمام المحكمة وفي العادة يرفع اصحابها تلك القضية نظراً لعدم رضاهم بشكل كامل عن القضية الإدارية.
- المحكمة العليا وهي الجهة النهائية وهي لا تنظر في كل القضايا بل فقط القضايا الهامة التي تحتاج لتفسير قانوني، حكمها نهائي ولا يمكن بأي شكل الطعن فيه.
نظام التنفيذ أمام ديوان المظالم
وهو الذي ينظم الآليات تنفيذ الاحكام الإدارية التي تصدر من المحكمة الإدارية، أي الطرق المتبعة لإجبار الجهة الحكومية على الخضوع والامتثال القانوني كإعطاء مهلة وتبليغ الجهات المعنية وإن لم يحدث ذلك يتم فرض عقوبات وغرامات مالية كبيرة.
اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات أمام ديوان المظالم
وهي التي تضم كافة القواعد التفصيلية التي عليها يمكن تنفيذ الاحكام الإدارية بشكل سليم.
- نظام الإجراءات الجزائية
وهو الذي يحدد بعض الأحكام التي تتعلق بالإجراءات القضائية وكذلك التنفيذية.
- نظام التنفيذ القضائي
يشمل قواعد تنفيذ الاحكام الإدارية بشكل عام، لكنه يركز على الأحكام الصادرة من المحاكم العامة.
2. الجهة المختصة بتنفيذ الأحكام الإدارية
هناك عدد من الجهات الحكومية التي تختص بتنفيذ الاحكام الإدارية التي صدرت عن ديوان المظالم وتلك الجهات تتمثل في الآتي:
- ديوان المظالم وهي تلك الجهة التي تقوم بإصدار الأحكام الإدارية كما تراقب عملية تنفيذها.
- دوائر التنفيذ الإداري وهي التي تتولى متابعة تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الجهات الحكومية لضمان أن تخضع له.
- هيئة الرقابة ومكافحة الفساد وهي جهة مستقلة بعيدة عن الديوان وهي تتدخل فقط إذا كان هناك اشتباه في وجود تعمد أو فساد إداري وراء عدم تنفيذ الأحكام.
- وزارة المالية وهي لا تتدخل في كل القضايا بل تتدخل في حالة صرف التعويضات والمستحقات المالية في بعض الأحكام الإدارية.
- النيابة العامة وتتدخل في حالة عدم خضوع الجهة للقانون وتنفيذ الحكم وتقوم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين.
آلية تنفيذ الأحكام الإدارية في السعودية
هناك عدد من الخطوات تتبعها الجهات المعنية حتى تضمن تنفيذ الاحكام الإدارية بشكلٍ دقيق وتلك الخطوات هي كالتالي:
- اولاً يتم صدور الحكم النهائي وعليه تبلغ الجهات الإدارية المعنية بالأمر بشكل رسمي بموجب التنفيذ.
- يتم تحديد مهلة قانونية لتنفيذ الحكم حيث تمنح المحكمة الإدارية مهلة للجهة المنفذ ضدها الحكم لا تتجاوز 30 يوماً وفقاً لنظام التنفيذ.
- في حال عدم موافقة الجهة المنفذ ضدها الحكم على الحكم فإن دوائر اتخاذ القرار تتابع ذلك وعليه تفرض غرامات كبيرة على الجهة المتأخرة.
- في حال استمرار الجهة ا في التعنت عن التنفيذ فإنها تعرض نفسها لعقوبات قانونية ومالية أكبر وقد تصل لعقوبات تأديبية.
- في بعض الحالات يمكن للمحكمة الإدارية أن تصدر أوامر تنفيذية ملزمة تشمل الحجز على الأموال العامة وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى لضمان التنفيذ.
العقوبات على الجهات التي تماطل في تنفيذ الأحكام الإدارية
هناك عدد من العقوبات التي تفرض على كل من تسبب في تعطيل تنفيذ الاحكام الإدارية، وقامت الأنظمة السعودية بوضع مجموعة من العقوبات وهي:
- غرامات مالية تفرض إن لم يكن هناك سبب مقنع تقتنع به المحكمة.
- يحال كل مسؤول عن التأخير إلى المساءلة التأديبية وفي بعض الأحيان تصل العقوبة للإعفاء من منصبه بشكل نهائي.
- في بعض الأحيان تتدخل هيئة الرقابة ومكافحة الفساد لتتحقق من أسباب عدم تنفيذ واتخاذ الإجراءات المناسبة.
- إمكانية اللجوء إلى التنفيذ الجبري، في حالات معينة، لإجبار الجهة على تنفيذ الحكم.
نظام التنفيذ أمام ديوان المظالم
ينص نظام التنفيذ أمام ديوان المظالم على مجموعة من المواد القانونية التي تضمن تنفيذ الاحكام الادارية حيث تحدد الاليات وكذلك العقوبات بشكلٍ واضح ودقيق وهي كالتالي:
1. إلزام الجهات الإدارية بتنفيذ الأحكام
تنص المادة الثانية من القانون أنه من الضروري أن تلتزم الجهة الحكومية أو الأفراد بتنفيذ الأحكام النهائية والعاجلة فور صدورها، أما المادة الثالثة فهي تنص على ضرورة إنشاء محاكم تنفيذ إدارية بقرار من مجلس القضاء الإداري وفي حال عدم توافرها يتم إنشاء دوائر تنفيذ داخل المحكمة الإدارية لتتابع التنفيذ.
المادة الرابعة تنص على عدم جواز تنفيذ الحكم الجبري إلا بسند فوري أي أن تنفيذ الأحكام الإدارية بالقوة لا يمكن أن يتم إلا إذا كان هناك “سند تنفيذي” يثبت الحق بشكل واضح ونهائي والسند قد سكون الأحكام النهائية والعاجلة أو العقود والمحررات التي قد تكون الحكومة جزء منها أو أحكام التحكيم والأوراق.
2. إجراءات طلب التنفيذ والمتابعة
- المادة (6)
يتم تقديم طلب التنفيذ عبر صحيفة رسمية تتضمن بيانات الحكم والمستندات المطلوبة.
- المادة (7)
يتم قيد الطلب فور استيفاء الشروط وفي حالة النقص، يمنح صاحب الطلب 20 يوم لاستكماله.
- المادة (10)
يتم منح الجهة المنفذ ضدها مهلة من 5 أيام للحكم العاجل لـ 30 يوماً لبقية الأحكام.
- المادة (11)
إن المحكمة تستطيع إجبار الجهة الحكومية على التنفيذ وهذا الإجبار يشمل الكشف عن الميزانيات والمستندات المالية وكذلك إلزام الجهة الإدارية بتوضيح أسباب التأخير.
3. التعامل مع حالات المماطلة والامتناع عن التنفيذ
- المادة (12)
في حالة الامتناع من الجهة الإدارية فيحق للمحكمة إصدار أمر مباشر بالتنفيذ.
- المادة (13)
في حال كان التأخير من وزارة المالية فيصدر إنذار بها وعليه يتم إتخاذ قرارت قانونية ضدها.
- المادة (14 – 15)
الجهة الإدارية يحق لها طلب إرشاد حول كيفية التنفيذ لكن المهلة المحددة لن تتوقف.
4. تنفيذ الأحكام لصالح الجهات الإدارية
- المادة (16 – 17):
إذا كان الحكم لصالح جهة حكومية، يُلزم المدين بالسداد خلال 30 يوم، في حال عدم السداد، يمكن للمحكمة الحجز على أموال المنفذ ضدهى أو منعه من السفر أو إيقاف تعاملاته المالية.
- المادة (18 – 19)
يتم تطبيق نظام التنفيذ العام على هذه الأحكام وتتمتع دوائر التنفيذ بصلاحيات قاضي التنفيذ.
5. العقوبات ضد المماطلين في التنفيذ
- المادة (30 – 31)
أي موظف يعطل تنفيذ الاحكام الإدارية فإنه يعاقب بالسجن حتى 7 سنوات وغرامة تصل لـ 700,000 ريال إذا استغل نفوذه لتعطيل التنفيذ، السجن حتى 5 سنوات وغرامة تصل إلى 500,000 ريال إذا امتنع عمدًا عن التنفيذ.
- المادة (32)
أسماء المخالفين قد تنشر في الصحف المحلية لتفضح عملية المماطلة في التنفيذ.
- المادة (33)
تصنف هذه الجرائم ضمن الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف وتعتبر جرائم فساد تصنف على أنها من ضمن الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف وتعتبر جرائم فساد.
6. آليات ضمان سرعة التنفيذ
- المادة (35)
يسمح النظام بتنفيذ الاحكام الإدارية إلكترونيًا لتسريع التنفيذ وتقليل البيروقراطية.
- المادة (20 – 21)
تفرض غرامات تصل إلى 10,000 ريال على الجهات الممتنعة عن التنفيذ.
- المادة (8 – 9)
يُمنح أصحاب الحقوق مهلة 10 سنوات للمطالبة بتنفيذ الأحكام قبل سقوط الحق في التنفيذ.
TestUser
مارس 21, 2025FEeupt mNnL KqjM nGQD SoL gCrzeQ dELQhj