لماذا تُعد سياسات الإفصاح ضرورية لكل مستثمر في السعودية؟
إن كنت مستثمر أو رائد أعمال، هل تعرف أن تطبيق سياسة الإفصاح يعني أن شركتك تتفادى الكثير من المشاكل التي ربما تقع فيها، فهل تطبق شركتك سياسات الإفصاح كما يجب أن تكون فمع تزايد حجم الشركات وتوسعها في السعودية لم يعد الإفصاح خيار إضافي، بل أصبح ركيزة أساسية لنظام حوكمة الشركات ليضمن امتثالها أمام القوانين الدولية، في ضوء تلك الأهمية سنأخذكم في جولة شاملة لفهم سياسات الإفصاح تلك، سواء أنواعها، توقيتاتها وكذلك الجهات المسؤولة عنها وحتى العقوبات التي ترتبط بها، كل هذا وأكثر في السطور القادمة، تابعه.
ما هي سياسات الإفصاح
إنها عبارة عن مجموعة من الضوابط والقواعد التي تلتزم بها الشركات في الإعلان عن معلومات جوهرية ومالية أو إدارية تؤثر في نشاطها أو تؤثر على مصالح المساهمين أو الشركاء أو الدائنين أو الجهات التنظيمية، إن الهدف من هذا الإطار هو تعزيز الشفافية والمساءلة وطلب المساعدة في حال حدوث أزمات.
لتفهم هذا المفهوم المعقد سوف نضرب لك مثالاً حياً، شركة تدعى النور الصناعية في نهاية ربعها الثاني من السنة المالية، اكتشف مجلس إدارة الشركة أن الخسائر للشركة تجاوزت 50% من رأس المال المدفوع، من هنا عليها إبلاغ المساهمين في رأس المال وبحسب ما ورد في المادة 132 من نظام الشركات السعودية فيجب عليها الإفصاح خلال 60 يوماً من تاريخ العلم بالخسارة التي وقعت وبعدها يتم الدعوى للجمعية العامة غير العادية خلال 180 يوم حتى يتم مناقشة ما حدث.
بحسب الوارد في المادة 147 من نظام الشركات السعودي فإن لديها التزام واجب، يتمثل في إعداد قوائم مالية وتقديمها للمساهمين خلال 6 أشهر من نهاية العام وتحظر من تقديم أي معلومات مضللة أو كاذبة بخصوص هذا الإفصاح.
هنا قامت الشركة بمجموعة من الضوابط لتلتزم بسياسات الإفصاح حيث في البداية أصدرت بيان عبر موقع تداول تعلن أن الخسائر تجاوزت بدورها نصف رأس المال كما أوضحت السبب ودعت لانعقاد جمعية عامة غير عادية خلال ثلاث أشهر كما عرضت توصيات مجلس الإدارة سواء بالاستمرار أو تقليص حجم النشاط.
متى يكون الإفصاح مطلوب؟
بذكر المثال لعلك تقول أن الإفصاح يحدث فقط عند وقوع الأزمات وفي الحقيقة ليس كذلك، فمتى يكون الإفصاح مطلوب وهنا مجموعة من الحالات التي يكون فيها الإفصاح هو أمر هام وهي:
1. إفصاح الدوري الاعتيادي
لا بد على الشركات إتباع سياسات إفصاح دوري حتى وإن لك يكن هناك أي أزمات تستدعي ذلك والإفصاح الدوري هذا يشمل على:
- نشر القوائم المالية سواء ربع السنوية منها أو السنوية للمساهمين والمستثمرين والمحللين الماليين وكذلك الجهات التنظيمية مثل هيئة السوق المالية وينشر ذلك على الموقع الإلكتروني للشركة ومنصة تداول.
- الإفصاح عن توزيع الأرباح من قبل مجلس الإدارة واعتماده في الجمعية العامة وهو موجه للمساهمين الحاليين والمستثمرين ومجلس الإدارة وينشر على منصة تداول وكذلك في الإعلانات الرسمية للشركة.
- الإفصاح عن تحديثات المشاريع وكذلك الخطط الاستراتيجية ويتم ذلك عندما يكون هناك إعلان عن مشروع جديد أو خطة استراتيجية، إنه موجه للجهات الرقابية والمستثمرين والمجتمع المالي وينشر عبر منصة تداول وفي المواقع الرسمية والتقارير السنوية.
2. الإفصاح الجوهري غير الدوري
يشمل هذا النوع على نوعان من الإفصاح فهو إما إفصاح عن خسائر كبيرة أو أحداث مؤثرة وهو يوجه للمستثمرين وكذلك لهيئة السوق المالية وينشر عبر تداول ويسأل عنه مجلس الإدارة أو إما إفصاح عن صفقات أو تغيرات ملكية كبيرة والصفقات يعني بها، استحواذ أو اندماج أو بيع أصول ضخمة أو تغير في هيكل الملكية للشركة بالكامل وهو موجه هنا للمساهمين وكذلك الجهات الرقابية ويسأل عنه مجلس الإدارة.
3. الإفصاح القانوني والتنظيمي
سياسات الإفصاح هنا تتم عند قيام الشركة بتعديل في النظام الأساسي أو عند تأسيس الشركة أو حتى إجراء تغيير في رأس المال الخاص بها وهنا يجب إعلام الجهات الرقابية مثل هيئة السوق المالية ووزارة التجارة المعنية بالأمر وينشر هذا الإفصاح عبر منصة قوائم وتداول.
أنواع الإفصاح في السعودية
وفقاً لما جاء عن نظام الشركات في السعودية فإن هناك مجموعة من أنواع ساسات الإفصاح التي تخضع لها المملكة وهي كالتالي:
1. الإفصاح المالي
سياسات الإفصاح المالي يعني بها التزام الشركة بالإعلان عن حالتها المادية بشكل شفاف ودوري ويشمل القوائم المالية السنوية وتقرير عن النشاط والمركز المالي وتقرير المراجع الخارجية إن وجدت وتوزيع الأرباح وكذلك الخسائر وتختص المادة 147، 167، 193 بإعداد القوائم المالية وتقرير النشاط.
2. الإفصاح عن الخسائر
إن حدث وبلغت الخسائر 50% من رأس المال فيجب الإبلاغ بشكل إلزامي عن الخسائر الجسيمة التي تؤثر على رأس المال.
3. الإفصاح التنظيمي والإداري
إنه كل ما يتعلق بإبلاغ المساهمين والشركاء بالمعلومات الإدارية الهامة والتي تشمل على مواعيد الاجتماعات وكذلك جدول الأعمال ونتائج الاجتماعات وقرارات مجلس الإدارة وتعيين المدراء والمصفيين.
4. الإفصاح عند التحولات والاندماجات والانقسامات
في حال حدث للشركة تغيير من حيث الشكل أو الهوية فإنه يجب تغير شكلها والتغيير يشمل تغير في هويتها القانونية أو في شكل الشركة بشكل عام بالاندماج أو الاستحواذ أو تحويلها من شركة ذات مسؤولية محدودة لشركة مساهمة.
5. الإفصاح القانوني والقضائي
سياسات الإفصاح تلك تلزم الجهات المختصة سواء الشركاء أو الجهات المختصة بالمعلومات التي تؤثر على وضع الشركة والتي تشمل الحجر أو إجراءات الإفلاس وإبلاغ الدائنين عند تخفيض رأس المال وهو ما جاء في المواد:
- المادة 135 والتي تشمل حقوق الدائنين عند تخفيض رأس المال.
- المادة 142 الخاصة بانقضاء الشركة وتقديم تقرير الإفلاس.
6. الإفصاح الطارئ أو الفوري
وهو الإفصاح عن أي حدث سواء كان مفاجئ أم أنه استثنائي وقد يؤثر على وضع الشركة سواء القانوني أو المالي والذي يشمل حدوث كوارث طبيعية أو توقيع عقد شراكة هام مع منافس، أو فقدان أحد كبار التنفيذيين.
كيف يساعد الإفصاح في تقليل المخاطر وزيادة الثقة
إنه ليس مجرد التزام نظامي بل هو أداة استراتيجية تساهم في حماية المستثمرين والشركات فيؤدي إلى الآتي:
- إلقاء الضوء الأحمر على المؤشرات السلبية مثل تراجع الأرباح وارتفاع الخسائر وبالتالي اتخاذ القرارات الوقائية في الوقت المناسب.
- الالتزام بسياسة الإفصاح يحمي الشركة من الغرامات والعقوبات المرتبطة بإخفاء المعلومات أو حتى التأخير في الإعلان.
- عندما تكون المعلومات والبيانات متاحة وشفافة فإن ذلك يقلل من انتشار الشائعات التي قد تضر بسعر السهم أو سمعة الشركة.
- إن سياسات الإفصاح برمتها تطمئن المستثمرين بأن الشركة تعمل بشفافية وهو ما يزيد من رغبة المزيد من المستثمرين في الاستثمار في تلك الشركة دون الخوف من تكبد الخسائر وغيرها.
- السوق المالية السعودية تعطي وزن كبير لتلك الشركات التي تلتزم بسياسة الإفصاح وتمنحها تقييم أعلى بسبب مصداقيتها.
أفضل الممارسات في إعداد الإفصاحات
إن كنت تنوي افتتاح شركة في المستقبل القريب فهناك مجموعة من أفضل الممارسات التي يجب مراعاتها عند الالتزام بإعداد الإفصاح وتلك الممارسات هي:
- على المعلومات التي يتم الإدلاء بها سواء للمستثمرين أو للجهات التنظيمية أن تكون محدثة بحيث لا تصبح مبالغ فيها أو أنها أقل من المتوقع.
- اللغة التي يجب أن تستخدم لا بد أن تتسم بالوضوح والشفافية.
- يجب الإلتزام بالمواعيد النظامية المحددة للإفصاح سواء كان بشكلٍ دوري كالقوائم المالية الربع سنوية أو السنوية أو أنها دورية.
- تغطية كل جوانب الحدث والمعلومات سواء المالية منها أم القانونية أم التشغيلية، إن تجاهل التفاصيل الهامة يعتبر بمثابة تضليل.
- المحافظة على نفس أسلوب الإفصاح وتنسيق التقارير عبر الفترات المختلفة وهذا يجعل المقارنة في الأداء بين الفترات سهل وكذلك ممكن وسهل.
- من السهل الوصول له لأنه منشور عبر منصات معروفة في السوق المالية مثل تداول والمواقع الالكترونية ومنصات الإفصاح الإلكتروني المعتمدة من الوزارة.
- من الأفضل أن تمر الإفصاحات بعملية مراجعة داخلية لضمان خلوها من أي أخطاء نظامية أو محاسبية.
الأسئلة الشائعة
هل تختلف متطلبات الإفصاح بين الشركات المدرجة وغير المدرجة؟
نعم، الشركات المدرجة في السوق المالية تخضع لمتطلبات إفصاح أكثر صرامة من غير المدرجة ويجب عليها الالتزام بمنصة تداول بشكل دوري وفوري، بينما الشركات غير المدرجة تتبع متطلبات وزارة التجارة وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك.
2. ما العلاقة بين الإفصاح والحوكمة؟
سياسات الإفصاح تعتبر أحد أهم مبادئ حوكمة الشركات إذ يعزز الشفافية ويساعد في مساءلة الإدارة.
3. هل الإفصاح يشمل فقط المعلومات المالية؟
لا، الإفصاح لا يقتصر على البيانات المالية فقط، بل يشمل:
- الإفصاح الإداري.
- الإفصاح القانوني.
- الإفصاح الاستراتيجي عن الخطط والمشاريع.
- الإفصاح البيئي والاجتماعي في بعض الشركات الكبرى.
4. ما الجهة المسؤولة عن مراقبة الإفصاح؟
في السعودية، هيئة السوق المالية تراقب سياسات الإفصاح في الشركات المدرجة بينما وزارة التجارة تشرف على الشركات الأخرى.
5. هل يمكن الاعتماد على الإفصاح فقط في اتخاذ قرارات الاستثمار؟
لا يُنصح بذلك، يجب استخدام سياسات الإفصاح كجزء من أدوات التحليل، إلى جانب دراسة السوق وتحليل الأداء المالي والمخاطر الاقتصادية.
6. ما هي العقوبة إذا تأخرت الشركة في الإفصاح الدوري؟
تفرض الجهات التنظيمية غرامات مالية مباشرة وفي بعض الحالات تتعرض الشركة لعقوبات إضافية مثل الإيقاف المؤقت عن التداول أو تشويه السمعة السوقية.